يعم لدى العديد من التونسيين شعور جارح بأن الثورة قد سرقت و أن لاشيء قد تحقق و سنعود كما كنا في ظرف قصير، و هذا في حد ذاته لا يجب أن يجد له مكان داخل قلوبنا فأول مكسب حققناه هو ذلك الشعور العظيم بالعزة و عدم الخوف و أن باب الحرية له ملاين الأيادي تدق، نعود الأن من البداية فربما نزرع بعض الأمل و نبدد الخوف، في البداية أود أن أعرج على مفهوم الثورة بما أن العديد من الناس يتساءلون عن ماهية ماقمنا به ثورة أم إنتفاضة أم إنقلاب أم ماذا بضبط، كم كان بودي أن لا نخوض كثيرا في هذا بل كان حري بنا أن نحدد أهدافنا، والأهداف تنقسم النوعين أهداف الهدم و أهداف البناء، فاما أهداف الهدم فهي مجموعة الممارسات والقيم التي كانت تسود ( فساد، تدهور إقتصادي، تدهور أخلاقي و قيمي...) و تعوضها بأهداف البناء ( إصلاح، عدالة، رفاهية ...) و أعرج هنا أن لم أذكر ديمقراطية لأنني اعتبرها أداة وليست هدف في حد ذاته، أعود الأن لم حدث ذات يوم من شهر ديسمبر، كانت تلك الأيام في سيدي بوزيد صيحة فزع في وجه الظلم، من طرف شباب إعتقد أنه إمتلك الدنيا بعلمه فإذا به يجد نفسه على هامش التاريخ والجغرافيا، ثم حرك ذاك الصمود الأسطوري في وجه القهر رغبة لدى من يعانون نفس الهم و يتقاسمون نفس رغيف الجبن، و بعجز الدولة على تسير الأزمة بانت بوادر ضعفها لمن عانوا من ويلاتها، و من سوء حظها أن كل هؤلاء يمثلون السواد الأعظم من المجتمع فكانت هبة جماهرية نعرف جميعاً نهيتها، حتى 14 جانفي كانت الحركة فقط للهدم و على قدر ما كان البيت فاسداً متدهور لا ينفع معه أي عقار كانت الجماهير متفقة تمام الإتفاق و على كلمة رجل واحد لهدمه ،
أتي هنا إلى الفاعلين الحقيقين في هذا الحراك أولاً شباب الشوارع، أو الثوار الحقيقين و هم من أطاحوا بمنظومة القوة في النظام التي يرتكز عليها، هذه الأخيرة دوخت كل أعدائه و معارضيه بدون إستثناء، ثم و بدون ترتيب تفاضلي ياءتي بقية القوم و هم يتمثلون في مجموعة المعارضين التاريخين لنظام بن علي، مجموعة "سيب صالح"، أما بنسبة للمؤسسات التي دعمت الجماهير فقد لعب الإتحاد دوره التاريخي، و المحامين الشرفاء كانوا خير سند للشباب، السؤال هنا ماذا حصل بعد 14 جانفي و كيف تصرفت هذه الأطراف؟
بمرور الوقت، بدأ يتضائل دور الهدم ليحل محله البناء بما أن الدولة قد ضربت في رأسها و بدأت تنهار، و لكن الذي حصل أن المجموعات السابقة الذكر اكتسبت المزيد من الأنصار، و بدأ الإختلاف يدب بينها و تبتعد عن بعضها شيء فشيء،
فأما المجموعة الأولى فقد إلتحق بها العديد والعديد من الأنصار، ولكن من التحقوا هم أقرب إلى جمهور كرة منه الى مناضلين، يضاف الى ذلك التحاق النواة الصلبة من المجموعة بالاحزاب و هذا عزلها حركيا عن الشارع، بما أنها أصبحت ملتزمة بارتباطات حزبية، ولكن من بقي منها في الشارع يرى أنه لاشيء تحقق، يرى أن لاشيء أنجز، أن النظام لا زال قائم و يجب العودة للتظاهر، للنضال، لمقارعة البوليس
المجموعة الثانية أي المعارضين هؤلاء وجدوا الجو ملائم ليمارسوا عملهم المعتاد أي التدجيل السياسي، تكوين أحزاب جمع المنخرطين وضع البرامج، أي البناء ولكن هل تسأل هؤلاء هل انتهينا من الهدم؟ لا أدري، على كل هم يعولون على 24 جويلة لحل كل المشاكل، هذا طبيعي مادمت كل المشاكل بنسبة اليهم هي الوصول إلى السلطة، نقول لهم أنه لا يوجد موعد مقدس مادامت الظروف غير ملائمة
المجموعة الاخرى هي ماسميتها "سيب صالح" أو البرجوازية المناضلة، هؤلاء لا أحد ينكر اسبقيتهم كشباب على الساحة ولكن لا أحد يستطيع أن يؤكد فاعليتهم و لا صلابتهم و الدليل ما قاموا به في 22 ماي الفارط أو حملة نهار على عمار، كل ما إستطعوا فعله هو المزيد من تضييق الخناق و الحجب و لم ينجحوا حتى في القيم بفلاشموب، أما عن الصلابة فنرى جليا تهافتهم على المناصب، بدءًا بالوزير إلى عظو الهيئة إلى العاملين في شركات صرافة الثورة من اذاعات و تلفزات إلخ الخ، الوحيد الذي ضل على عهده هو ياسين عياري، الذي مازال يؤمن بالمبادئ الأساسية لهذا الحراك، و هي العدو الأول هم النظام السابق في مقدمته البوليس، الشباب هم الوحيدين القادرين على قيادة السفينة و محاربة ال بوليس خاصة، لا احزاب و لهم يحزنون.
أما بنسبة للمؤسساة التي لعبت دورا سابقا فقد إستطاع بقايا النظام تدجينها سريعا و نظرا لتركيبتها العمودية ، تارة بالترهيب و أخرى بالترغيب، و ما الحملة التي شملت جراد، ثم المنظمات النقابية التي تولد كل يوم بدعوة التعددية النقابية (حق يراد به باطل ) إلا من باب التهديد ثم يأتي بعد ذلك الترغيب قانون المحماة مثلا لا يتساءل أحد ماذا دفع المحامين في مقابل قانون مهنة يكتبونه بأيدهم
فالمقابل و بالإضافة الى كل هذه الاسباب توجد أسباب أخرى هيكلية لا تصب في مصلحة الجماهير و هيا أنهم لم يقدموا بدائل تحظى بالإتفاق، قوة الطرف المقابل أو قوى الردة، و الضغوط الخارجية المتزايدة. ربما سنأتي على الأسباب الهيكلية بالحديث في مناسبة قادمة.
إذا و باستنتاج بسيط المصاعب تتزايد حول ما تحقق، و لكن إذا اردناها فعلا ثورة، فالثورة فعل مستمر متواصل، في أوروبا تواصلت لعقود على الرغم من أنه قد سبقتها أنوار و فلسفات، صناعة و إكتشفات، أما نحن فلم يسبق، إلا ظلم و قهر و إستبداد، فليكن القادم إصلاح نبدأ بانفسنا، بجزئيتنا اليومية، و الننظر فوق السحاب حتى تكون الأحلام كبيرة فبقدر أهل العزم تأتي العزائم، ثم و أهم شيء فالننظم و النكون جمعيات و احزاب و- نقابات فاليدخل الشباب الى كل هذا والينسفها من الداخل واليفرض رأيه بداخلها، نبتعد عن فكرة الزعامة، فالنتحاور نتناقش، نستنبط حلول تنبع من هذا البلد العظيم لا داعي للإستيراد من الشرق أو الغرب، واليعلم من يريد بنا العودة إلى الوراء اننا لن نعود، فالى عز تونس الى مجدها رجال البلاد و نساؤها.
je souligne avec réserve la logique de "il faut être contre 'le gouvernement / les partis / les organisations' pour être juste et en concordance avec les 'principes de la révolution.
RépondreSupprimerUne logique qui n'est pas exprimée littéralement mais dont l'odeur est bien dégagée de l'article.
@astrath: nn j'ai pas voulu envoyer ce message, je suis tout à fait d'accord avec toi, ce n'est pas constructif de faire l'opposition pour l'opposition, j'ai seulement essayé de critiquer ce ralentissement de la vague révolutionnaire et j'ai démontré que c'est tout à fait normal, allant plus loin j'ai proposé d'infiltrer les partis et les organisme et essayer de les dériver de l’intérieur,
RépondreSupprimer